محلي

المعارض التجارية في العراق.. بوّابة نحو الاستثمار أم نشاطات شكلية

يتزايد اهتمام العراق بإقامة المعارض التجارية والصناعية مع توجه البلاد نحو تنويع الاقتصاد وتنشيط القطاع الخاص، في محاولة لتقليل الاعتماد على عائدات النفط التي تغطي أكثر من 90% من الموازنة العامة للبلاد.

وفي خطوة مهمة نحو دعم الصناعات المحلية شهدت مدينة الموصل في 22 سبتمبر/أيلول الماضي فعاليات المعرض الصناعي “صناعتنا هويتنا” بمشاركة أكثر من 100 شركة ومعمل صناعي من القطاعين العام والخاص في شتى المجالات الصناعية ومن مختلف محافظات العراق.

معارض عديدة

بدوره، يقول رئيس غرفة صناعة نينوى محمد علي حازم المشهداني إن معرض “صناعتنا هويتنا” -الذي أقامته غرفة صناعة نينوى بالتعاون مع وزارة الصناعة والمعادن وجهات أخرى- يكتسب أهمية كبيرة، إذ يعد فرصة فريدة للقاء بين الشركات العراقية من القطاعين العام والخاص، مما يحقق التعارف وتبادل الخبرات والتعرف على المنتجات المحلية.

ويشير المشهداني إلى أن إقامة هذا المعرض الأول من نوعه وحجمه في العراق وجه رسالة من محافظة نينوى (شمال) لكل المستثمرين مفادها بأن الموصل عادت إلى مكانتها الاقتصادية التي وصفها بأنها “متعافية وأرضها خصبة للاستثمار”.

ويؤكد رئيس غرفة صناعة نينوى على أن هذه المعارض والفعاليات تعطي قوة للمستثمرين، وتبين لهم مدى استقرار الوضع الأمني، مما يسمح باستكشاف الفرص الاستثمارية المتميزة في المحافظة، مشيرا إلى أن الغرفة تستعد لإقامة العديد من المعارض خارج العراق، فضلا عن أخرى داخلية في مختلف المحافظات العراقية، مثل المعرض الذي سينظم مطلع نوفمبر/تشرين الثاني القادم على أرض معرض بغداد الدولي.

أهمية المعارض

في غضون ذلك، ترى إدارة هيئة استثمار بغداد (مؤسسة حكومية) أن هذه الأنشطة الاقتصادية تمثل فرصة حقيقية لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية واستقطاب الخبرات والتعرف على آخر التطورات في القطاع الاستثماري، بغية الاستفادة منها في تحقيق أهداف الاستثمار والوصول إلى التنمية الاقتصادية التي تنشد البلاد تحقيقها.

وأكدت الهيئة أن لهذه المعارض أهمية في مد جسور التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري مع دول العالم في ظل مرحلة الإعمار والبناء التي يعيشها العراق حاليا، والتي سيكون لها بالغ الأثر على اقتصاد البلاد عموما والعاصمة بغداد خصوصا.

دعم الاقتصاد الوطني

وأعربت الهيئة عن أملها في أن يحقق معرض بغداد الدولي بدورته الـ46 المرتقب انطلاقها مطلع نوفمبر/تشرين الثاني القادم النتائج التي حققتها المعارض السابقة من تعاون مثمر بين الهيئة والشركات الاستثمارية والمستثمرين ورجال الأعمال الذين اطلعوا بشكل جدي على دور الاستثمار في دعم الاقتصاد الوطني وأهميته في جذب رؤوس الأموال البلاد واستقطاب الكفاءات التي تعمل خارج البلاد.

وتتنوع الشركات التي ستشارك في معرض بغداد الدولي وفق هيئة استثمار بغداد التي أكدت أن أغلبيتها رائدة في النشاط الاستثماري وفي مختلف القطاعات السكنية والتجارية والتعليمية والصناعية والترفيهية، معتبرة أن هذه المعارض تعد من أهم سبل الترويج وواحدة من أبواب التطور التكنولوجي والثقافي، خاصة أن العراق يمثل حاليا أرضا خصبة لتنوع مجالات الاستثمار فيه.

وتختتم هيئة استثمار بغداد تعليقها بالإشارة إلى التجربة الاستثمارية في العاصمة بغداد التي وصفتها بأنها “الأفضل” على مستوى العراق رغم التحديات الأمنية والمعوقات، وهو ما ترجم على أرض الواقع في منح الهيئة العديد من الرخص الاستثمارية لمختلف أنواع المشاريع.

معارض شكلية

تتنوع الأهداف التي تقام من أجلها المعارض بحسب الجهة المنظمة، وهو ما يشير إليه الخبير الاقتصادي همام الشماع، مضيفا أن من بينها الترويج للبضائع سواء كانت استهلاكية أو إنتاجية، إضافة إلى تعريف الشركات الأجنبية بفرص الاستثمار داخل البلاد.

ويضيف الشماع أن هذين الهدفين غير متوفرين في العراق الآن، عازيا ذلك إلى أن القطاع الخاص غير قادر على استغلال الفرص الاستثمارية التي تتيحها المعارض، وهو ما ينطبق على الشركات الأجنبية التي تأتي للبحث عن فرص استثمارية حقيقية، مما يعني أن كل تلك المعارض لا تخرج عن كونها شكلية، بحسب تعبيره.

وليس هذا فحسب، إذ يعتقد الشماع أن بعض المعارض تقام من أجل الاستفادة المالية التي تتلقاها الجهات المنظمة من خلال تأجير المواقع داخل المعارض للشركات المشاركة، معلقا “عندما أقول إن أيا من الهدفين لن يتحققا فلا يعني هذا بشكل كلي، إذ قد يتحققا بشكل جزئي، لكن المشكلة تكمن في أن الفرص الاستثمارية المتاحة ورغم كثرتها إلا أنها ليست مشجعة بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية المضطربة”.

معوقات عديدة

ويواجه قطاع الاستثمار العراقي معوقات عديدة بسبب فقدان أهم وسائل جذب الاستثمارات المتمثلة بالأخبار المتعلقة بالوضع الأمني، والتسهيلات القانونية التي تقدمها الحكومة العراقية للمستثمرين، وذلك حسب الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم.

وتضيف أنه رغم وجود الكثير من الفرص فإن انتشار الأخبار السيئة عن البيروقراطية السائدة والفساد وتدهور الوضع الأمني كل ذلك يؤدي إلى هروب رؤوس الأموال، ولا سيما أن الدول المجاورة تشهد إجراءات كثيرة جاذبة للاستثمار ومنافسة للعراق.

وتلفت إلى أن التعليمات التي تخص الاستثمار ليست مرنة بما يؤهلها لمواكبة التطور في العالم، وأن هذه التعليمات تصطدم بما وصفتها بالبيروقراطية، مما يسهم في نمو الفساد والشبكات التي تبتز المواطنين والمستثمرين، مؤكدة أن تعديل القانون لا يكفي، وهناك حاجة لتحديث التعليمات وتدريب الموارد البشرية المشرفة على تنفيذها.

وفي ضوء وجود القيادات الاقتصادية الحالية في العراق فليس من المتوقع حصول أي تطور لقطاع الاستثمار، بحسب سميسم، إذ ليس هناك أي مجال للتفاؤل وأن البلاد بحاجة إلى عوامل وثورة إدارية، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا بوجود أشخاص ذوي عقلية مواكبة لما يجري في العالم دون الاعتماد على القانون الإداري العراقي الذي تم تشريعه منذ بدايات القرن الماضي، بحسبها.

زر الذهاب إلى الأعلى