بما ينذر ضعف قبضة اليد
يمكن أن تشير قوة قبضة اليد إلى المشكلات الصحية الأساسية التي يواجهها الفرد، وقد تكون بالتالي قوة العضلات مؤشرا قويا على معدل الوفيات.
ويحذر الخبراء منذ فترة طويلة من أن صعوبة المهام التي تتطلب قوة اليد قد تكون مرتبطة بمرض السكري وأمراض القلب والسرطان وألزهايمر.
وأصبح لدى العلماء الآن طريقة سريعة وذات تكلفة زهيدة لقياس قوة قبضة اليد، حيث يمسك الشخص بالجهاز بنفس الطريقة التي يمسك بها الكأس، فيما يكون المرفقان مطويين.
وفي الدراسة الجديدة، طور الباحثون الجهاز اعتمادا على نقاط فاصلة تنطبق على عامة السكان، مع الأخذ في الاعتبار أيضا العلاقة بين قوة قبضة اليد والجنس وطول الجسم والشيخوخة.
ويمكن اعتبار قوة قبضة اليد أداة فحص فعالة لمختلف الحالات الصحية. وإذا كانت قوة قبضة شخص ما منخفضة، فقد يكون ذلك مؤشرا على مشاكل صحية كامنة – وليس فقط لدى كبار السن، حيث ارتبطت قوة قبضة اليد بالظروف الصحية في مرحلة البلوغ الأصغر.
وأظهر عدد كبير من الدراسات أن انخفاض قوة قبضة اليد قد يكون مظهرا من مظاهر الظروف الصحية المتعلقة بمشاكل القلب والرئة. ووجدت بعض الدراسات أيضا أن أولئك الذين يعانون من قوة قبضة اليد المنخفضة لديهم متوسط عمر متوقع أقل.
وبشكل عام، تعتمد قوة قبضة اليد على الجنس والعمر وطول الشخص، وهو ما اعتمده الباحثون في تطوير أداة قياس قوة قبضة اليد، فضلا عن الأخذ في الاعتبار انخفاض قوة قبضة اليد نتيجة الشيخوخة الطبيعية.
وفي دراستهم المنشورة في مجلة BMJ Open، ألقى الباحثون من المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية (IIASA) في النمسا، الضوء على العتبة المتعلقة بقوة قبضة اليد التي من شأنها أن تدفع الطبيب إلى إرسال المريض لمزيد من الفحص.
ويوضح سيرغي شيربوف، الباحث في المعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية: “بشكل عام، تعتمد قوة قبضة اليد على الجنس والعمر وطول الشخص. وكانت مهمتنا هي العثور على العتبة المتعلقة بقوة قبضة اليد، والتي من شأنها أن تشير إلى الخبير الصحي لإجراء مزيد من الفحوصات إذا كانت قوة قبضة المريض أقل من هذا الحد”.
وأشار إلى أن أداة قياس قوة قبضة اليد تعمل في ما يشبه قياس ضغط الدم، حيث أنه عندما يكون مستوى ضغط الدم خارج نطاق معين، يمكن للطبيب إما أن يقرر وصف دواء معين أو إرسال المريض إلى أخصائي لإجراء مزيد من الفحص”.
وخلال التجارب السريرية قام الباحثون بقياس قوة قبضة اليد لكل مشارك عن طريق الضغط على المقياس الديناميكي، وهو أداة قياس القوة.
وطُلب من المرضى إجراء محاولتين بكل يد، مع الأخذ في الاعتبار ما إذا كان الاختبار قد تم في وضعية الوقوف أو الجلوس.
وقارن الباحثون قوة قبضة اليد مع مجموعة أفراد متشابهين من حيث الجنس والعمر وطول الجسم.
وأشارت النتائج إلى أن قوة القبضة الأقل بقليل من المتوسط بالنسبة للسكان المشابهين (بالنظر إلى جنس الشخص وعمره وطوله)، يمكن أن تشير إلى الظروف الصحية التي تؤدي إلى الوفاة المبكرة.
وهذا يعني أنك إذا قارنت قبضة يدك بمجموعة كبيرة من الأشخاص من نفس العمر والجنس والوزن مثلك، وكانت درجاتك أقل، فقد يشير ذلك إلى وجود مشكلة.
ويمكن للجهاز الذي أصبح متاحا للبيع عبر الإنترنت، أن يقدم للشخص قراءة لقوة قبضة اليد وتقييم حالتها، إما “ضعيفة” أو “عادية” أو “قوية” وفقا لعمر الشخص وجنسه.
ووفقا لمقال نُشر في The Conversation، يتمتع الأشخاص في العشرينات من العمر بمتوسط قوة قبضة تبلغ 46 كغ للرجال و29 كغ للنساء.
وقال البروفيسور آدم تيلور من جامعة لانكستر إن هذا ينخفض إلى 39 كغ و23.5 كغ بحلول الوقت الذي يبلغ فيه الشخص 60-69 عاما.
وأضاف البروفيسور تايلور: “تظهر الأبحاث أن وجود قوة قبضة أقل من المتوسط مقارنة بالأشخاص من نفس الجنس والمدى العمري كان مرتبطا بخطر الإصابة بفشل القلب، حيث تشير القوة المنخفضة إلى تغيرات ضارة في بنية القلب ووظيفته. وبالمثل، أظهرت الأبحاث أن ضعف قوة القبضة هو مؤشر قوي على الموت القلبي، والوفاة من أي سبب، ودخول المستشفى بسبب قصور القلب”.
وتابع: “إن تشخيص سرطان القولون والمستقيم أو البروستات أو الرئة لدى الرجال وسرطان الثدي والرئة لدى النساء يرتبط جميعها بانخفاض قوة القبضة بمقدار 5 كغ لدى من تتراوح أعمارهم بين 60 و69 عاما. وهذا الانخفاض في قوة القبضة كان مرتبطا أيضا بارتفاع احتمالية الوفاة من سرطان القولون والمستقيم لدى الرجال وسرطان الثدي لدى النساء”.
وأظهر المصابون بالسمنة ومرض السكري من النوع الثاني أيضا ضعفا في قوة قبضة اليد.
وأوضح البروفيسور تايلور أنه مع أمراض مثل السكري والسرطان وأمراض القلب، تقل قدرة العضلات على العمل لعدد من الأسباب. وفي مرض السكري، على سبيل المثال، تؤدي الدهون الزائدة في العضلات إلى إضعافها.
وفي وقت سابق من هذا العام، أظهر باحثون بقيادة جامعة بريستول أن أولئك الذين لديهم قيم أعلى لقوة قبضة اليد لديهم مخاطر أقل للإصابة بالخرف (27%) ومرض ألزهايمر (32%).
وشرح باحثو بريستول عدة أسباب محتملة لهذه النتائج في ورقتهم. واقترحوا أن فقدان العضلات الهيكلية مرتبط بالالتهاب، والذي قد يكون سببا أساسيا للخرف.
وكشفت الدكتورة سونيا سبيتزر، باحثة ما بعد الدكتوراه في جامعة فيينا، إنه من المهم الإشارة إلى أن الفريق لا يشير إلى أن الناس بحاجة إلى تقوية أيديهم وساعديهم لتقليل خطر الموت.
وفي الواقع، لم تجد الدراسة أن قبضة اليد الأقوى فوق المتوسط تقلل من مخاطر الوفيات.
وقالت: “على الأرجح، إذا قام شخص ما بتحسين قوة قبضته من خلال التمارين، فلن يكون هناك تأثير أو سيكون هناك تأثير ضئيل للغاية على صحته العامة. بينما لا يزال أسلوب الحياة الصحي وممارسة الرياضة أفضل الأساليب للحفاظ على صحة جيدة أو لتحسينها على المدى الطويل”.