استكملت مدينة البصرة استعداداتها لاستضافة النسخة 25 من كأس الخليج العربي في كرة القدم بين 6 و19 يناير الجاري، وسط تدفق مشجعي الدول بمشاركة 8 منتخبات، بعد عقود طال فيها انتظار احتضان العراق البطولة منذ المرّة الأولى عام 1979 في بغداد.
وتعيش مدينة البصرة المعروفة بثرواتها النفطية ودفعها فواتير الحروب، مظاهر وكرنفالات اجتماعية وتراثية غير مسبوقة، استعدادا لهذا الحدث الكروي، حيث يعود اليها أبناء الخليج عقب سنوات طويلة، بعد أن حرمتهم حرب الخليج الثانية التي تلت غزو الكويت من قبل النظام العراقي السابق.
وتقع البصرة في أقصى جنوب البلاد على رأس الخليج وكانت تعرف سابقا بـ”بندقية العراق” لكثرة الأنهار المتفرعة في المدينة، وهي بوابة دول الخليج مع العراق والمتاخمة لدولة الكويت.
وقال محافظ البصرة، أسعد العيداني، “لحظات تاريخية ستشهدها هذه المدينة وابناؤها مجددا وهم يلتقون ويستقبلون أبناء دول الخليج العربي، بعد ما كانت في وقت سابق مدينتهم المفضلة للسياحة والتجارة، وملتقى لهم مع أبناء البصرة”.
وتنطلق منافسات “خليجي 25″، الجمعة، في حفل افتتاح على استاد البصرة الدولي، وصفته اللجنة المنظّمة بأنه سيكون استثنائيا يعكس إرث وتاريخ المدينة وما تتميز به من علاقات حياتية واجتماعية مشتركة مع بقية دول منطقة الخليج العربي، وجاءت تعويذة البطولة وفق هذه الخصوصية.
اختير السندباد البحري الشخصية الأسطورية، من حكايات ألف ليلة وليلة الذي جاب البحار والمحيطات بتجارته منطلقا من البصرة، تعويذة لخليجي 25، التي تحكي قصص رحلاته البحرية السبع، وها هو يعود إلى المدينة برحلة ثامنة بصحبة شقيقاته السبع، في إشارة إلى منتخبات الدول السبع المشاركة.
وكانت التوترات السياسية والحروب العسكرية التي أدخلت المنطقة في تلك الأجواء إثر غزو العراق لدولة الكويت عام 1990، أقصت العراق من بطولة كاس الخليج بعد ما كان واحدا من أركانها التنافسية التقليدية. وفي سجل مشاركاته التي استهلها أول مرة عام 1976 خلال الدورة الرابعة في قطر ثلاثة القاب.
وبعد أربعة عشر عاما من العزلة والإبعاد، عاد العراق إلى فلك البطولة في الدوحة 2004. واتخذت الأجهزة الحكومية تسهيلات متعلقة بدخول مشجعي المنتخبات عبر المنفذ الحدودي بسهولة حيث تمنح تأشيرات مجانية لهم.
كما تشهد البصرة اجراءات أمنية مشددة وتدابير احترازية أقدمت عليها قيادة العمليات العسكرية في المدينة بالتنسيق مع وزارة الداخلية، تهدف تأمين مقرات إقامة الوفود المشاركة في البطولة والمراكز العامة ومناطق المشجعين.
تُفتتح المنافسات بمواجهة تقليدية، الجمعة، ضمن المجموعة الأولى بين صاحب الأرض وعُمان على استاد البصرة الدولي الذي يتسع لـ65 ألف متفرج، يطمح فيها “أسود الرافدين” لتحقيق فوز سابع على حساب “الأحمر” العماني الباحث عن فوز ثالث.
من المنتظر أن تكون “خليجي 25” أول تحدّ سيواجهه الإسباني، خيسوس كاساس، المدير الفني للمنتخب العراقي في أول ظهور رسمي له بعد تعيينه. وقال إن “المنتخبات كلها طامحة للمنافسة في هذه البطولة، لدينا مجموعة شبابية من اللاعبين لنا ثقة بقدراتهم على الرغم من مشاركتهم الأولى. كنت أتطلع لمشاركة أكبر عدد من اللاعبين المحترفين في دوريات أوروبية ولم تسنح الفرصة لهم للالتحاق إلا لعدد قليل”.
ووجد بعد مباراة العراق والكويت الودية التي انتهت بفوز باهت على حساب “الأزرق” الكويتي بهدف دون رد، حاجة لتدارك الموقف مبكراً، فطلب من الاتحاد العراقي استدعاء لاعبي الشمال والمرخية القطريين أمجد عطوان وأيمن حسين لتعزيز قدرات المنتخب.
وعن الأسلوب المتبع ولكونه عمل في المدرسةِ الإسبانية، أوضح “بكل تأكيد سنعتمد على أسلوبِ الإسبان في اللعب، ونسعى إلى فرض طريقة لعب معينة تكون قريبةً من الإسبانيّة”.
في المقابل، يأمل المنتخب العماني المتجدّد بقيادة المدرب الكرواتي، برانكو إيفانكوفيتش، (67 عاماً)، المُعيّن مطلع 2020، في استعادة ذكريات نهائي خليجي الكويت 2017 عندما توّج بلقبه الثاني بعد الأول على أرضه في 2009.
ويدشّن المنتخب اليمني مشاركته بملاقاة المنتخب السعودي تحت 23 سنة بقيادة المدرب، سعد الشهري، على استاد البصرة أيضا في ثاني مباريات المجموعة.
ويدخل المنتخب السعودي الأولمبي، البطولة متسلحا بعرض المنتخب الأول في مونديال قطر 2022، حيث حقق فوزاً تاريخياً على الأرجنتين البطلة 2-1 قبل أن يقصى من دور المجموعات.
ويدرك المدرب التشيكي، ميروسلاف سوكوب، صعوبة المواجهة الافتتاحية مع السعودية، لكن “المنتخب مرّ بظروف جيدة خلال فترة الاستعدادات. المنتخب اليمني في مجموعة قوية ونسعى للندية أمامها”، حسبما قال.
تكاد تكون المجموعة الثانية التي تضم حاملة اللقب البحرين وقطر والكويت والامارات غامضة وعرضة للتقلبات والاحتمالات، طالما تمتلك هذه المنتخبات إرثا في ألقاب البطولة.
وفيما دخلت البحرين على خط التتويج وخطفت لقب نسخة 2019 في الدوحة، تتربع الكويت على رأس حاصدي الألقاب (10)، مقابل 3 لكل من السعودية وقطر والعراق، ولقبين لكل من الإمارات وعمان.
وتستهل البحرين بقيادة البرتغالي، هيليو سوزا، الحملة الصعبة بمواجهة الإمارات، السبت، على استاد الميناء، وفي اليوم عينه يواجه الأزرق الكويتي نظيره القطري المشارك أيضاً بتشكيلة شبه رديفة.
وهذا الظهور الأول للعنابي بعد مونديال مخيب على أرضه، بعهدة مدرّبه الجديد البرتغالي، برونو بينيرو، الذي سيتولى القيادة، بدلا من الإسباني فيليكس سانشيس الذي تخلى الاتحاد القطري عن خدماته بعد تعرضه لثلاث خسارات موجعة في المونديال وحلوله أخيرا.
كما يسعى المنتخب الكويتي وهو يمر بفترة بناء حديثة العهد للظهور بواقع جديد يعيد الثقة لجماهيره بقيادة مدربه البرتغالي، روي بينتو، المعيّن قبل أربعة أشهر، متطلعا إلى انطلاقة مناسبة أمام قطر ثم مواجهة ثانية مع الإمارات الذي مازال منتخبها يواجه فترات غير مستقرة على صعيد الإعداد وخوض المنافسات.
ويقود الأرجنتيني، رودولفو أروابارينا، الإمارات منذ مطلع عام 2022 بعد إقالة الهولندي، بيرت فان مارفيك، نتيجة اهتزاز مستوى المنتخب وتراجع نتائجه، وقد استبعد عن تشكيلته الهداف التاريخي علي مبخوت.