منوعات

صناعة خلية شمسية غير مرئية

تعد تقنيات الطاقة المتجددة أبرز ما يشغل بال العلماء والباحثين في الآونة الأخيرة، إذ إنهم سعوا منذ فترة من الزمن لإنشاء أجهزة للاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة مثل أشعة الشمس، ليخرجوا إلى الضوء بما يسمى الألواح الشمسية التي اشتهرت بشكل كبير جداً وانتشرت على نطاق واسع في العقد الأخير، إذ أصبحت من مصادر الطاقة الرئيسية، ووصلت إلى المنازل أيضاً، وأصبحت في متناول يد العامة وليس فقط الجهات الحكومية والرسمية والشركات، ولكن لم يتوقف العلماء إلى هذا الحد، حيث اهتموا أيضاً بمتابعة تطوير الألواح الشمسية للحصول على أكبر كفاءة ممكنة وصناعة خلية شمسية بمواصفات ومعايير رفيعة المستوى، وبعد الجهود المتوالية، خرج علينا العلماء بخلية شمسية غير مرئية بشفافية تصل إلى 79%، وتدعى خلية تقاطع شوتكي الشمسية.

خلية تقاطع شوتكي الشمسية

سنتحدث في هذا المقال عن خلايا شمسية غير اعتيادية، إذ تتميز بالشفافية والقدرة على تحويل النوافذ، أو المنازل الخضراء، أو الألواح الزجاجية، أو الأجهزة الإلكترونية الذكية وغيرها إلى أجهزة تحصد الطّاقة، علمًا بأن العلماء وصلوا بصناعتها إلى المراحل الأخيرة، إذ قام فريق من العلماء في جامعة توهوكو في دولة اليابان باختراع خلية شمسية غير مرئية تقريباً باستخدام أكسيد قصدير الإنديوم كقطب كهربائي شفاف، وثاني كبريتيد التنغستن كطبقة ضوئيّة، وتميّزت هذه الخلية عن غيرها في نفس المجال بشفافيتها العالية التي تصل إلى 79%، علماً باجتهاد العلماء في الآونة الأخيرة لزيادة قيمة الشفافية للخلايا الشمسية، حيث أظهرت التطورات العلميّة الأخيرة، وخاصةً مع أشباه الموصلات العضوية، أن متوسط الشفافية المرئيّة للخلايا الشمسية يصل إلى أقل من 70%.

أما بالنسبة لهذه الخلية الشمسية المبتكرة، والتي تُعرف أيضاً باسم خلية تقاطع شوتكي الشمسية، فالأمر مختلف تماماً، حيث يوفر سطحها الذي يتم وضعه بين العنصر المعدني وأشباه الموصلات النطاق المطلوب لفصل الشحن، إذ يفصل الجهاز الناشئ وهيكله المتقن أزواج ثقب الإلكترون المتولّد ضوئياً عن طريق اختلاف طريقة العمل بين أحد الأقطاب الكهربائية وأشباه الموصلات.

بالحديث بشكل أكثر تفصيلاً، إن ثاني كبريتيد التنغستن هو عضو في عائلة المواد ثنائية الكالكوجينيد المعدنية الانتقالية (TMD)، والتي يعتقد العلماء أنها مثالية لصناعة الخلايا الشمسية الشفافة أو غير المرئية بشكل جزئي، وذلك بسبب توفر فجوات مناسبة في نطاق الضوء المرئي وكفاءة الامتصاص العظمى بالنسبة للسُمك، حيث تم إنشاء تواصل بين أكسيد القصدير الإنديوم وكبريتيد التنغستن من خلال رش أكسيد القصدير الإنديوم على مادّة متفاعلة مصنوعة من الكوارتز، وتنمية طبقة أحادية من كبريتيد التنغستن باستخدام ترسيب البخار الكيميائي.

تم ربط الحاجز بين أكسيد القصدير الإنديوم وكبريتيد التنغستن من خلال طلاء العديد من المعادن الرقيقة على سطح أكسيد القصدير الإنديوم، وإضافة طبقة رقيقة أيضاً من أكسيد التنغستن وأكسيد القصدير الإنديوم المطلي بالمعدن والطبقة الأحادية من كبريتيد التنغستن، وكانت نتيجة ذلك، ارتفاع الحاجز بالخلية بشكل كبير جداً، مما يقود بدوره إلى زيادة محتملة في كفاءة فصل الشحن في هذا النوع من الخلايا المبتكرة.

نتيجةً لذلك، وجد العلماء أن كفاءة تحويل الطاقة للخلية الشمسية مع إضافة القطب المحسّن والمطوّر كانت أكبر بأكثر من 1000 مرة من الجهاز الذي يستخدم قطب أكسيد القصدير الإنديوم العادي، وبحسب المعلومات الموضحّة من قِبل مطوري هذه التقنية، فإنّ خلية شمسية بمساحة سنتمتراً مربعاً واحداً ذات شفافية عالية جداً تصل إلى 79%، يمكن أن ترتفع قوتها الإجمالية إلى 420 بيتا واط في حالة تكرار التجارب العلمية القائمة على تعزيز وتطوير هذه الطبقة المحسّنة، وذلك مع ضمان المقدار المناسب من التوصيلات المتسلسلة والمتوازية.

بمساعدة مثل هذه الدراسات المتواصلة والجهود التطويرية المستمرة، يمكن أن يطوّر العلماء في نهاية الأمر ألواحاً شمسية شفافة بالكامل، التي سيكون لها آثاراً كبيرةً طويلة المدى، إذ يُقال أن هناك حوالي 5 إلى 7 مليارات متر مربع من الأسطح الزجاجية في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بدءاً من شاشات التلفاز وحتى ناطحات السحاب، ولك أن تتخيّل عزيزي القارئ كميّة الكهرباء الهائلة التي من الممكن توليدها في حالة الاستفادة من هذه الطاقة بالفعل.

ناقشنا في مقال سابق، أهم المعلومات حول خلية شمسية غير مرئية يعمل العلماء على تطويرها في الوقت الراهن، وتتميز عن غيرها من الخلايا الشمسية بشفافية عالية جداً تصل إلى 79%، وهو ما يجعلها مهمةً جداً في مجال الطاقة الشمسية، إذ ستعمل كجهاز لتوليد الطاقة من الأسطح الزجاجية المنتشرة في جميع جوانب الحياة اليومية، وبالبداية من السطح الزجاجي المتوفر على هواتفنا النقالة، وفي النهاية لا بد لنا من الإشارة إلى أن هذه الخلية قيد الإنشاء في الوقت الراهن، وتحتاج إلى المزيد من الجهود من قِبل العلماء والباحثين، كما أنها تتطلّب دراسات علمية وأبحاث موسّعة، ولكن بحسب الأنباء الأخيرة، فمن الممكن أن تظهر هذه الخلية المبتكرة إلى الضوء في أقرب وقت ممكن.

زر الذهاب إلى الأعلى