دولي

تحذير أمريكي من تصاعد دور الشركات العسكرية الروسية الخاصة

تنامى دور الشركات العسكرية والأمنية الخاصة في مختلف أنحاء العالم، والتي يرى بعض الباحثين أنها بدأت في الظهور في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وأصبحت الآن قطاعاً مهما يسعى الكثيرون للحصول على خدماته المتعددة.

وفي هذا الشهر يوليو (تموز) نشر مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية تقريراً يضم 80 صفحة حول استخدام روسيا المتزايد للشركات العسكرية التابعة لها من أجل زيادة نفوذها من خلال السبل غير النظامية.

وقد شارك في إعداد هذا التقرير مجموعة من الباحثين على رأسهم الدكتور سيث جونز وهو كبير نواب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومدير برنامج الأمن الدولي بالمركز، وكاترينا دوكسي، وهي مديرة برنامج وباحثة بمشروع التهديدات العابرة للدول بالمركز، حيث تقوم بتحليل الإرهاب الدولي والمحلي والأنشطة غير النظامية لدول مثل إيران، وروسيا والصين.

وتشير مقدمة التقرير إلى أن موسكو وسعت نطاق الاستخدام الخارجي للشركات العسكرية الخاصة ليشمل دولاً مثل أوكرانيا، وسوريا، وليبيا، والسودان، وجمهورية إفريقيا الوسطى، ومدغشقر، وموزمبيق. وكثير من هذه الشركات العاملة في هذه الدول ، مثل مجموعة “فاغنر”، تتعاون في أحيان كثيرة مع الحكومة الروسية- بما في ذلك الكرملين، ووزارة الدفاع (وخاصة إدارة المخابرات الرئيسية)، وجهاز المخابرات الخارجية، وجهاز الأمن الفيدرالي- وتقوم بمجموعة من المهام تتعلق بالقتال، والعمل شبه العسكري، والأمن، والمخابرات.

وتضيف مقدمة التقرير أنه على الرغم من أن الشركات العسكرية الروسية الخاصة تمثل مجرد عنصر واحد ضمن مجموعة من التهديدات التي تواجه الولايات المتحدة، يرى واضعو التقرير أنها تتطلب رد فعل أكثر تنسيقاً وقوة من جانب الولايات المتحدة وشركائها.

وأوضح التقرير أن هناك قدراً محدوداً من التقييم المنهجي للشركات العسكرية الروسية الخاصة؛ وأنه لم يتخذ ضدها سوى قدر محدود من العمل الوقائي الدبلوماسي، والعسكري، والمخابراتي، والمالي؛ وهناك قدر ضئيل من التنسيق الملموس بين الأجهزة أو بين الدول في مواجهة أنشطة تلك الشركات. وأنه باستخدام الأساليب الكمية والكيفية توصل التقرير إلى عدة نتائج رئيسية على النحو التالي:

أولاً: زادت روسيا من استخدام الشركات العسكرية الخاصة كأداة لسياستها الخارجية ابتداء من عام 2015 تقريباً.

ثانياً: هناك حاجة لفهم استخدام روسيا للشركات الخاصة في الإطار الأوسع نطاقا لاستخدامها للحرب غير النظامية وأساليب المنطقة الرمادية.

ثالثاً: تمثل الشركات العسكرية الروسية الخاصة تهديدا متوسطا للولايات المتحدة وحلفائها- ولكنه تهديد في حاجة لفهمه في السياق.

وبالإضافة إلى هدف زيادة نفوذها في الخارج، استخدمت روسيا الشركات العسكرية الخاصة لاستخراج الموارد، وتوسيع نطاق تواجدها العسكري والمخابراتي. فعلى سبيل المثال، قامت الشركات العسكرية الخاصة العاملة في ليبيا بتشغيل مقاتلات طراز “ميغ-29” و”سوخوي يو-24″، وكذلك أنظمة صواريخ سطح – جو طراز “بانستير إس-1″ ومع ذلك للشركات العسكرية الخاصة نقاط ضعف يمكن استغلالها. فبعضها له سجل أداء سيء نسبياً. وهناك شركات لم تكن فعالة أو تورطت في انتهاكات لحقوق الإنسان وفساد.

وقد سجل تقرير للأمم المتحدة صدر الشهر الماضي تورط الشركات العسكرية الروسية الخاصة وغيرها من العناصر العاملة في جمهورية إفريقيا الوسطى في” استخدام مفرط للقوة، وقتل دون تمييز، واحتلال للمدارس، وأعمال سلب ونهب على نطاق واسع شملت منظمات إنسانية”.

ويرى التقرير أنه بالتالي هناك فرصة للولايات المتحدة وشركائها لاستغلال نقاط ضعف الشركات الروسية. ويتعين أن تكون أي حملة فعالة لمواجهة الشركات العسكرية الخاصة متعددة الأطراف لتعظيم الضغط على روسيا. وينبغي أن يكون هدفها تقويض فعالية الشركات العسكرية الخاصة ومنع موسكو من زيادة نفوذها في الخارج بدرجة كبيرة.

وبالإضافة إلى ذلك تحتاج أي حملة فعالة لأن تشمل مجموعة كبيرة من الأعمال والتصرفات الدبلوماسية، والمخابراتية، والمالية، والعسكرية وغيرها. وللمضي قدماً يتعين على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى بحث الخطوات التالية: زيادة الوعي العام بنشاط الشركات العسكرية الخاصة، من خلال إتاحة المعلومات عن أنشطة هذه الشركات علانية، بما في ذلك استخدام الانترنت والمنصات الرقمية. إضافة لإبراز عدم فعالية الشركات العسكرية الخاصة وفشل عملها في الخارج، فعلى سبيل لم تقدم المساعدة المطلوبة في ليبيا وتسببت في تدخل تركيا فيها، كما أن مجموعة فاجنر وحدها فقدت مئات المقاتلين.

وتكثيف المسؤوليات القانونية؛ إذ تفتقر الشركات العسكرية الخاصة العاملة في الدول الأجنبية إلى الحماية القانونية من جانب حكوماتها وقد تورطت في أنشطة غير قانونية، بما في ذلك انتهاكات لحقوق الإنسان. فبدون حماية من السفارات يكون العاملون في تلك الشركات عرضة لتعقيدات قانونية، وللسجن، ولأعباء مالية شخصية أكثر ممن يعملون تحت رعاية حكومة ما.

كما أنها مطالبة بزيادة الضغط المالي على الشركات العسكرية الخاصة: تقوم الشركات العسكرية الخاصة على أساس تحقيق أرباح وهي في حاجة إلى إيرادات لبقائها، مما يجعلها عرضة لعقوبات اقتصادية وغيرها. وتعتبر العقوبات الاقتصادية إحدى أهم الأدوات لاستهداف أنشطة نلك الشركات.

استهداف مجموعة فاغنر: يعتبر الوضع الفريد لفاغنر واحتكارها النسبي للسوق الروسية للشركات العسكرية الخاصة نقطة ضعف يتعين استغلالها أفضل استغلال. فهي تعمل في حوالي 12 دولة، بينما معظم الشركات الأخرى تعمل في دولة أو دولتين فقط. كما أن مجموعة فاغنر تعمل في الدول التي لروسيا فيها أكبر مصلحة. ومع ذلك لم تطلق أمريكا حملة دولية فعالة ضد المجموعة، كما لم يفرض الاتحاد الأوروبي أي عقوبات ضدها.

وأكد التقرير في نهايته أن الشركات العسكرية الخاصة مثل مجموعة فاغنر تمثل مكوناً مهماً في الحملة الحربية الروسية غير النظامية. لكن الولايات المتحدة وشركاءها لم يفعلوا الكثير لمواجهة استخدام روسيا المتزايد لتلك الشركات. ويتعين عليها وعلى شركائها الدوليين إعطاء الأولية لاستخدام أدوات القوة الدبلوماسية والمعلوماتية والمالية، وأن تركز الحملات الإعلامية على توفير الشفافية والوعي العالمي بالنسبة للنشاط غير المشروع للشركات العسكرية الخاصة وانتهاكاتها لحقوق الإنسان وصلاتها ببوتين والحكومة الروسية.

زر الذهاب إلى الأعلى